کد مطلب:280420 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:227

الطریق الی الامم
وضع بولس منهجه وسط ساحة زمنیة تربط بین دعوتین إلهیتین.

الدعوة الإلهیة إلی بنی إسرائیل والدعوة الإلهیة الخاتمة إلی البشریة كافة، وبولس فی منهجه أعطی للمسیح صفة الدیمومة. أی صفة الألوهیة. وربط أتباعه بهذه الصفة... ومعنی هذا أنه أغلق باب التوبة.

بمعنی: إذا كانوا مع المسیح والمسیح فیهم. فما الجدوی من وراء التوبة؟ وترتب علی ذلك عدم التفات أتباعه إلی آیة تدعو إلی الرجوع إلی الله.

وبولس عندما جرد مسیرته من الشریعة الموسویة. ألقی داخل ساحات الأمم حیث الشرائع المتعددة للعقائد المتعددة. التی یشرف علیها كهنة الوثنیة والملوك الذین أقاموا ملكهم علی ثقافة تقول: أن فی عروقهم تجری دماء الآلهة، ودخول بولس إلی ساحة الأمم كان معولا آخر ضرب به تعالیم المسیح علیه السلام، وكان المسیح قد حدد ساحة بنی إسرائیل دون غیرها لدعوته. وجاء فی إنجیل متی أن امرأة كنعانیة طلبت من المسیح أن یشفی ابنتها المجنونة، لكنه لم یجیبها بكلمة، وعندما قال له التلامیذ اصرفها لأنها تصیح وراءنا. أجابهم: لم أرسل إلا إلی خراف بیت إسرائیل الضالة، [1] وقال متی هنری فی تفسیره أی



[ صفحه 201]



أنتم تعلمون أنی لم أرسل إلا لهذه الغایة. وهذه المرأة لیست من خراف بیت إسرائیل. فهل ترضون بأن أتعدی حدود ارسالیتی. [2] .

وترتب علی دخول بولس إلی الساحة الأممیة. أن الحی النصرانی الذی یشرف علیه بولس. امتص كثیرا من العقائد والثقافات الوثنیة، ومع هذه الأحمال رتعت الأهواء التی تلبست بالدین وأغلقت باب التوبة، فلم یقف علی أبواب التوبة من هضم الوثنیة ومن إعتقد بأن المسیح حرره من لعنة الناموس وأن المسیح عندما قام من بین الأموات صار إلیه ولبس فیه، وفی امتصاص المسیحیة للوثنیة یقول دیورانت فی قصة الحضارة: إن المسیحیة لم تقض علی الوثنیة بل تبنتها [3] بعد أن هضمت تقالید العقل الوثنی فكرة المسیح الإله [4] وقصاری القول: أن المسیحیة كانت آخر شئ ابتدعه العالم الوثنی القدیم. [5] .

وعلی الساحة الوثنیة تعددت الآراء لعدم استقرار الفطرة علی ما فطرها الله علیه، وانعقدت المجامع المسیحیة للبحث عن ثوب یخفی العری المعیب، فكان مجمع نیقیة (325 م) وتصدی المجتمعون فیه إلی عقیدة الوحدانیة التی قال بها آریوس، وأقر المجمع عقیدة المسیح الإله، ثم جاء مجمع القسطنطینیة (381 م) لیقر ألوهیة الروح القدس، ثم مجمع أفسس (431 م) وأقر أن المسیح له طبیعة واحدة ومشیئة واحدة، ثم مجمع خلقیدونیة (451 م) وأقر أن المسیح له طبیعتان ومشیئتان، وتوالت المجامع لتزیل الإشكال، فما یلبث الإشكال حتی یصیر ألف إشكال.



[ صفحه 202]



لقد كانت فتنة. اجتمعت أطرافها عند عنوان: أرض المیعاد، وروی أن النبی الخاتم صلی الله علیه وآله وسلم قال وما صنعت فتنة منذ كانت الدنیا صغیرة ولا كبیرة إلا لفتنة الدجال. [6] .


[1] متي 15 / 25.

[2] متي هنري 27 / 1.

[3] قصة الحضارة / ديورانت مجلد 11، ب 27، ف 2، ص 276.

[4] المصدر السابق مجلد 11، ف 5، ب 28، ص 320.

[5] المصدر السابق مجلد 11، ف 2، ب 27، ص 276.

[6] رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح (الفتح الرباني 69 / 24).